25 ذو الحجة 1446 الموافق السبت 21 يونيو 2025
رئيس التحرير
هاني ابوزيد
رئيس التحرير
هاني ابوزيد

ابعت إيميل".. ابن الوزيرة يُشعل أزمة عنيفة داخل وزارة البترول

وزير الظل”.. نجل الوزيرة يُحكم قبضته على مفاصل الوزارة ويُغلق الباب أمام الإعلام في البترول

وزير البترول
وزير البترول

في ظل الأزمات المتكررة التي تواجهها المؤسسات الحكومية بشأن التواصل مع الرأي العام، تُسلّط الأضواء حاليًا على وزارة البترول، حيث يزداد الجدل بشأن أداء المتحدث الإعلامي الرسمي للوزارة المهندس معتز عاطف حسن، الذي يجد نفسه في قلب موجة من الانتقادات المتصاعدة، ليس فقط من داخل أروقة الصحافة، بل من بعض القيادات داخل القطاع البترولي نفسه.

معتز، المهندس الأربعيني الذي شق طريقه في القطاع قادمًا من شركة إيجاس، لم يكن مجرد موظف تقني عابر، بل هو نجل وزيرة سابقة للعمل في نظام مبارك قبل 2011، الأمر الذي يثير تساؤلات مشروعة حول وضعه كنجل للوزيرة عائشة عبد الهادي قد سهّل عليه ولوجه للعمل في واحدة من أكبر شركات البترول، ومن بعدها ولوجه كذلك إلى مناصب أخرى حساسة في الوزارة، خصوصًا مع وجود شقيقه أحمد عاطف في موقع رفيع آخر كنائب رئيس لشركة "ميدور"، إحدى الكيانات الاستراتيجية الهامة في خريطة التكرير المصرية.

هذه التساؤلات تظل قائمة، وإن لم تُحسم، فإنها تعبّر عن شعور عام بعدم تكافؤ الفرص في بيئة يُفترض أنها تنافسية، خصوصًا في ظل غياب معايير شفافة للتعيين والترقي في وزارة البترول.

 

أما فيما يتعلق بأداء معتز في موقعه كمتحدث إعلامي، فالوضع يزداد تعقيدًا. الرجل، وباعتراف كثير من المراقبين، يفتقر إلى الخلفية الإعلامية التي تؤهله للتعاطي مع الصحافة المتخصصة أو حتى العامة. وفي المؤتمر الصحفي الأخير الذي عقده الوزير مع ممثلي وسائل الإعلام، تحوّل الاجتماع إلى جلسة عتاب ساخنة، إذ لم يتردد بعض الصحفيين في توجيه انتقادات لاذعة لمعتز بسبب تجاهله شبه التام للاستفسارات، وامتناعه عن الرد على المكالمات، بل حتى رسائل "واتساب" التي يختزل الرد عليها غالبًا في عبارة واحدة: "ابعتلي إيميل". وكأن الصحفي موظف لديه في الوزارة، حتى في بعض القضايا العاجلة التي تستدعي ردًا سريعًا، حفاظًا على صورة الوزارة أمام الرأي العام، لا يجد الصحفيون في الغالب ردودًا عاجلة أو ناجزة.

احتكار الصلاحيات أم تضارب مصالح؟

المفارقة الأخطر أن معتز لا يشغل فقط منصب المتحدث الرسمي باسم الوزارة، بل يحتفظ إلى جوار منصبه بعدة مواقع حيوية أُخرى في آنٍ واحد، منها مدير الإدارة المركزية للمكتب الفني لوزير البترول، ومدير مكتب الوزير نفسه. هذا التداخل الشديد في الاختصاصات يفتح الباب على مصراعيه أمام تضارب المصالح، ويمنح المعتز موقعًا فريدًا يتيح له التحكم في قنوات التواصل بين الصحافة والوزارة من جهة، وبين رؤساء شركات القطاع والوزير من جهة أخرى، حتى بات الرجل رقمًا يبدو أهم من الوزير نفسه في التعاطي مع قضايا القطاع المختلفة.

لقد بات معتز، في أعين الصحفيين، "البوابة الوحيدة" التي تمر منها المعلومات، أو تُمنع. كثير من رؤساء الشركات، كما تؤكد مصادر في القطاع، باتوا يعتذرون عن الرد على استفسارات الصحفيين متذرعين بأن "التعليمات تقتضي الرجوع إلى المتحدث الرسمي"، وهذا الأخير لا يرد. النتيجة: حالة من التعتيم، تُضعف قدرة الإعلام على القيام بدوره الرقابي، وتُحوّل الوزارة إلى قلعة مغلقة، في وقت يتطلب الانفتاح والشفافية.

نقد واجب لا تجريح شخصي

الانتقاد هنا لا يُوجّه لشخص المهندس معتز بقدر ما يُسلّط الضوء على منهج إداري مختل، يرسّخ لفكرة أن إدارة ملف الإعلام ليست أولوية لدى بعض الوزارات، بل عبء يوكل إلى غير أهله. ووفقًا للأكواد الدولية في العمل الحكومي، فإن المتحدث الرسمي يجب أن يمتلك خلفية إعلامية واضحة، وقدرة على بناء علاقات إيجابية مع الصحافة، وتقديم ردود فورية ومدروسة تضمن توازن الرواية الرسمية في مواجهة الشائعات أو التسريبات.

السكوت عن هذا الوضع يُعمّق فجوة الثقة بين الوزارة ووسائل الإعلام، ويؤثر بالسلب على صورة قطاع استراتيجي بحجم قطاع البترول، الذي يُعد أحد أعمدة الاقتصاد الوطني أمام الرأي العام. وعلى الوزارة، إذا كانت جادة في تطوير أدائها الإعلامي، أن تُعيد النظر في هذا الملف بالكامل، بعيدًا عن المجاملات والشللية والمحاباة.

تكديس المواقع في يد شخص واحد، بلا مؤهلات إعلامية حقيقية، وقطع خطوط الاتصال بين الوزارة والصحافة، لا يمكن تفسيره إلا باعتباره فشلًا في الفهم العميق لأهمية الإعلام الحكومي في عصر يتطلب السرعة والمصداقية والانفتاح. لقد آن الأوان لإعادة ترتيب البيت من الداخل قبل أن تتفاقم الفجوة، ويضيع صوت الوزارة وسط ضجيج الشائعات.